المدة الزمنية 8:9

عملية ثعلب الصحراء عندما صفى الأمريكان 62 الف جندي عراقي ،، سلسلة حروب صدام حسين

10 379 مشاهدة
0
253
تم نشره في 2022/09/12

في حملة قصف شديدة على الأهداف العراقية امتدت لمدة أربعة أيام، قامت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بشن عدة ضربات جوية وبحرية على العراق عام (ألف وتسعمئة وثمانية وتسعين)، في العملية التي عرفت بثعلب الصحراء. وكان المبرر الأكبر لهذه الضربات يعود لعدم امتثال العراق لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتدخله في عمل مفتشي اللجنة الخاصة التابعة للأمم المتحدة. ومثلت هذه العملية اندلاعاً كبيراً في أزمة نزع سلاح العراق. حيث كان الهدف المعلن لهجمات القذائف الانسيابية والقصف يتمثل بضرب أهداف عسكرية وأمنية أسهمت في قدرة العراق على إنتاج أسلحة الدمار الشامل وتخزينها وصيانتها وإيصالها. وكما يعتقد مراقبون بأن العملية كانت تستهدف أيضاً اغتيال الرئيس العراقي صدام حسين شخصياً. وبالعودة إلى ما بعد غزو العراق للكويت في عام (ألف وتسعمئة وتسعين)، فُرضت مجموعة من العقوبات الدولية على بغداد تقضي بتجريدها من الأسلحة الكيميائية وأسلحة الدمار الشامل. رغم أن عدة خبراء ومختصين كانوا قد كشفوا بأن العراق لم يكن يمتلك أسلحة دمار شامل في الواقع، باستثناء تلك الأسلحة الكيميائية التي تم تدميرها وإنهاء القدرة على إنتاجها خلال تسعينات القرن الماضي، وأن الجميع كان على علم بذلك. ولكن في استجابة للضغوط الدولية حول التأكد من خلو العراق في ذلك الوقت من هذه الأسلحة، تشكلت بعثة أممية تابعة لمجلس الأمن، وُكلت إليها مهمة تفتيش المنشآت والمراكز الحيوية في العراق. ولم يكن أمام الدولة العراقية في ذلك الوقت إلا الانصياع والقبول بهذا القرار، خاصة بعد أن ضيقت العقوبات الاقتصادية والحصار الخناق عليها. ولم تكن تحركات لجنة التفتيش بالمرحب بها كثيراً من بغداد، خاصة وأنها كانت تسعى للوصول إلى مواقع ومراكز حساسة يرى العراق بأنها تهدد سيادته، كأبنية ديوان الرئاسة، والقصور الرئاسية، ومجمعات القصور التي كانت موجودة في كل المحافظات العراقية. مما جعل اللجنة الأممية تعتبر ذلك عدم تعاون عراقي معها لأداء وظيفتها، فقررت الانسحاب. وقامت على إثر ذلك بتقديم تقرير إلى مجلس الأمن الدولي من قبل رئيس بعثة التفتيش ريتشارد باتلر، في يوم الرابع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني عام (ألف وتسعمئة وثمانية وتسعين)، حيث اتهم العراق بعدم التعاون مع البعثة الأممية. لتندلع توترات حادة بين العراق والأمم المتحدة، ومن خلفها القوى الغربية الكبرى خاصة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وتناول تقرير رئيس بعثة التفتيش ثلاثة حوادث محددة، هي رفض السلطات العراقية تفتيش قاعدة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة، والمقر المركزي العام لحزب البعث، فضلاً عن رفض تفتيش موقع ثالث في يوم الجمعة بحجة أنه يوم عطلة في العراق. وأعلن باتلر سحب المفتشين من العراق رغم أنَّ السلطات العرقية لم تطلب منهم مغادرة البلاد. وتحدثت مصادر دبلوماسية في ذلك الوقت عن اطلاع الولايات المتحدة على التقرير ومشاركتها في صياغته قبل تقديمه إلى مجلس الأمن. وفي يوم السادس عشر من ديسمبر/كانون الأول عام (ألف وتسعمئة وثمانية وتسعين)، قررت واشنطن بالتعاون مع بريطانيا تحت إدارة الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، إيصال رسالة عبرت فيها عن استعراض للقوة، حينما قامت تنفيذ هجوم صاروخي على العراق لإخضاعه، في العملية العسكرية التي أسمتها ثعلب الصحراء، والتي استهدفت مواقع عسكرية ومواقع حساسة في العراق، بالإضافة لموقع الرئيس صدام حسين لاغتياله. تلك العملية لم تكلف الإدارة الامريكية كثيراً لكنها كانت عالية الكلفة على العراق ونظام صدام حسين. حيث دمرت عملية ثعلب الصحراء أكثر من سبعين موقعاً عسكرياً ومقراً للقيادة العراقية والمحطات والرادارات، كما دمرت المنشآت وقواعد الصواريخ أرض-جو. وتم خلالها قصف أكثر من اثني عشر مدرسة في العراق، وتدمير خزانات المياه التي كان ينتفع منها مئات الآلاف من العراقيين، إلى جانب تعطيل مصافي النفط في البصرة، وإتلاف العديد من المواقع الحيوية والمنشآت الأخرى، وخاصة الواقعة في محيط بغداد. وأظهرت مصادر عسكرية أنه وخلال العملية، اُستخدم أكثر من أربعمئة صاروخ بعيد المدى في أيام الحملة الأربعة، وهو ضعف الصواريخ التي قُصف بها العراق في حملة عاصفة الصحراء عام (ألف وتسعمئة وواحد وتسعين)، والتي دامت خمسة أسابيع. بالإضافة إلى استخدام صواريخ من نوع توماهوك، وسفن حربية متمركزة في البحر الأحمر، كما شاركت في الهجوم أيضا قاذفات بي اثنين وخمسين الإستراتيجية، والتي كانت تنطلق من قاعدة دييغو غارسيا البريطانية. وأسفر الهجوم الذي تواصل طوال أربعة أيام عن مقتل حوالي اثنين وستين ألف جندي عراقي وقرابة مئة مواطن مدني. واعتبرت هذه العملية آنذاك محاولة لإنهاك البنى التحتية العراقية والتمهيد لمرحلة جديدة تتمثل في الإطاحة بالنظام السياسي، خاصة وأن الضربات التي وجهت كانت تستهدف القضاء على ما تبقى من قدرة الجيش العراقي، بعد إعادة تشكيل قسم من ألوية الحرس الجمهوري بعد عام (ألف وتسعمئة وواحد وتسعين) والذي يعده الأمريكان الركيزة الأساسية للجيش العراقي. وعقب العملية نشرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية تقريرا كشفت فيه عن وجود جواسيس ضمن لجان التفتيش الدولية، ورجحت دوائر غربية أن يكون ما نُشر تسريبات تعمدتها إدارة الرئيس بيل كلينتون لدفع العراق إلى رفض عودة المفتشين ليظهر بمظهر الرافض للتعاون. ويرى كثيرون بأن هذه العملية كانت بمثابة تمهيد لحملة عسكرية أكبر تمثلت بغزو العراق، وجرت لاختبار القدرات العراقية، في إمكانية مجابهة أميركا. حيث قام الرئيس الأمريكي جورج بوش بضرب العراق وغزوه عام (ألفين وثلاثة)، والذي نجح بالإطاحة بنظام الرئيس العراقي صدام حسين.

الفئة

عرض المزيد

تعليقات - 46