هل فعلاً يجب استخدام زيوت أثقل مع المحركات القديمة؟

اليوم سنحاول أن نُجيب عن واحد من أكثر الأسئلة الأسطورية فيما يتعلق بـ زيوت السيارات تداولًا، ضِمن مجتمع السيارات في مصر، بل وربما في العالم، والذي نرجو أن إجابتنا قد ُتغيٍر نظرتك لبعض الأقاويل فيما يتعلق بزيوت المحركات، والسؤال هو، هل فعلاً يجب استخدام زيت تقليدي عالي اللزوجة في محرك سيارتي القديم. في البداية يجب أن نعي جيداً ما هو المقصود بجملة (محرك قديم)؟ إذا كنت تقصد محرك سيارة تم إنتاجها منذ عشرة، أو عشرون عاماً على سبيل المثال، ولكن تم تشغيله للسير ما يعادل مسافة 300 ألف كيلو متر، إذًا فأنت مخطئ في القول بأن هذا المحرك، محرك قديم، فالمحرك القديم وفقًا لكثير من أقاويل الخبراء هو ما تم إنتاجه وفق تقنيات تسبق عام 1970. وهو أمرًا مختلفًا عن المحرك الذي سار أو تم تشغيله لمسافة كبيرة «High Mileage» والذي يُصنف بهذا التصنيف بعد 160 ألف كيلو متر تقريبًا، فهو محرك مُصنع بتقنيات حديثة، ولكنه يجب أن يتم التعامل معه بشكلٍ مختلف قليلًا خاصة فيما يتعلق بنوعية الزيوت التي يُفضل أن يتم استخدامها معه. إذاً، انتهينا من تصنيف المحركات، وأدركنا جيداً أن تصنيف المحرك لا يقاس بالمسافة أو بساعات التشغيل، ولكن يقاس بتقنية تصنيع المحرك، فهناك فرق ما بين تصنيف المحرك، وعمر المحرك، لذا لنضع النقاط فوق الأحرف لنقطة جدلية أخرى. إذا كنت تستخدم زيوت تخليقيه بلزوجة موصى بها من قبل صانع المحرك منذ شرائك للسيارة فالإجابة بأقل حروف ممكنة هي لا. محرك سيارتك التي سارت لمسافات كبيرة، ومازل محتفظًا بجزء كبير من فاعليته، لا يحتاج إلى زيوت أثقل، أو حتى إلى زيوت تقليدية (غير تخليقيه) اين كانت اللزوجة. محرك سيارتك بكل بساطة يحتاج نوعية زيوت تخليقيه جيدة، بلزوجة مناسبة لتقنية تصنيع المحرك، لكن مع وجود إضافات خاصة للمحركات ذات ساعات أو مسافات التشغيل الطويلة، وتقوم بعض الشركات المعروفة بتقديم تلك النوعية، التي تعتمد على إضافات تحتوي على نسب أكبر قليلاً من مُركبي الزنك والفسفور (النسبة الموصي بها عالمياً هي 800 جزء للمليون). في البداية أريد أن أعود قليلاً إلى الأساسيات في عملية التزييت، فزيت المحرك يقوم بالعديد من الوظائف أهمها تقليل الاحتكاك ما بين الأجزاء المعدنية المتلامسة داخل المحرك. لذا فيجب أن نعلم أن سرعة وصول الزيت إلى كافة أجزاء المحرك في بداية التشغيل البارد «Cold Start» بالغة الأهمية، خصوصاً مع صغر حجم قنوات توصيل الزيت إلى الأجزاء العليا من المحرك، وخصوصاً في فصل الشتاء، حتى وإن كانت درجات الحرارة في مصر نادراً ما تصل إلى صفر درجة مئوية. لذا فلزوجة الزيت الأقل صباحاً مفيدة للغاية دون الوضع في الاعتبار عُمر المحرك، أو المسافة التي قطعها، أو ساعات تشغيله، فالأجزاء العليا من المحرك خصوصاً أعمدة الكامات والرافعات تعتمد على نمط التزيت المتواصل. والذي يعني أن يكون هناك تدفق زيت مستمر ما بين أجزاء المحرك، وترك تلك الأجزاء تتعامل مع بعضها البعض دون تزييت أمر يقلل بشكل كبير من عُمرها الافتراضي. أيضاً تستخدم غالبية المحركات الحديثة تقنيات تعتمد بشكل كبير على ضغط الزيت، مثل أنظمة تغيير توقيت الصمامات، والتي يُنصح للحفاظ عليها باستخدام زيوت عالية الجودة وخفيفة اللزوجة. فتلك الأنظمة تعتمد على ضغط الزيت في قنوات بالغة الدقة، لذا فمن غير المنطقي استخدام زيوت ثقيلة اللزوجة خصوصاً في الأجواء الباردة (كفصل الشتاء مثلا) مع وجود كل تلك المكونات في المحركات الحديثة. لماذا يقال إن الزيوت الأثقل أفضل في المحركات ذات العمر الطويل؟ في الحقيقة لا أعلم على ماذا استند قائل تلك المقولة خصوصاً في العقدين الأخيرين، فالتطور الكبير الذي وصلت إليه تقنيات تصنيع الزيوت التخليقيه جعلتها أفضل بكثير من الزيوت العادية في كل شيء تقريباً، مع فارق سعر ضئيل، وعمر أطول. وبالتأكيد تمتعت بقابلية أعلى على عدم التسريب كما يعتقد البعض، فالزيوت التخليقيه خفيفة اللزوجة لا تريد الهروب من المحرك وتنشق الهواء خارجه، بل هي صممت للحفاظ على موانع التسريب وتشغيل المحرك في أفضل ظروف ممكنة. ولكن انتظر، فجيب أن تعلم أنه عند استخدام الزيوت التخليقيه خفيفة اللزوجة لأول مرة بعد عدة سنوات من استخدام زيوت ثقيلة قد تحدث بعض الأعراض الجانبية، وسأشرح لماذا. استخدام الزيوت الثقيلة اللزوجة التقليدية لفترة طويلة جدا يتسبب في تكون رواسب جيلاتينية معروفة بـ «Oil Sludge» وهو الأمر الذي برغم ضرره المعروف، لكنه قد يكون سبباً في عدم ظهور تسريب الزيت من موانع التسريب التالفة بالفعل. لذا فبمجرد استخدام زيوت تخليقيه بلزوجة أقل وكفاءة أعلى، ولها قدرة أكبر على تنظيف تلك الرواسب، قد يبدأ الزيت في الظهور عند موانع التسريب، وذلك ليس بسبب أنك استخدمت زيوت بلزوجة أقل، ولكن لأن تنظيف تلك المنطقة أظهر عيوبها الموجودة سلفاً. لذا أذا كنت تستخدم زيوت تقليدية لزمن طويل نسبياً، يجب أن تعلم جيداً أن قرار العودة إلى استخدام زيوت تخليقيه أقل لزوجة، قد يُصاحبه ظهور بعض التسريبات بالمحرك.

الفئة