المدة الزمنية 16:18

قصة سيدنا هود عليه السلام وقوم عاد

30 مشاهدة
0
3
تم نشره في 2020/06/05

هو نبيّ الله هود بن عبدالله بن رباح بن الجارود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السّلام، ويُقال أنه هود بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السّلام، وهو نبيٌّ عربيٌّ، وقد أرسله الله تعالى إلى قومٍ اسمهم عاد، بالرّغم من وجود معجزةٍ مؤيّدةٍ لهود -عليه السّلام- وآيةٍ على صدقه، إلا أنّها لم تُذكر بصورةٍ صريحةٍ في القرآن الكريم، ولكنّ بعض العلماء قالوا: ربّما كانت معجزته -عليه السّلام- بأنّه وعد قومه بأن يفتح الله عليهم أبواب رحمته ويرزقهم رزقاً وفيراً، ولا تنالهم مصيبةٌ ولا نكبةٌ، وهذه المعجزة خارقةٌ لعادة النِّعَم في الأمم، وكان قوم عادٍ يسكنون في وَادٍِ اسمه مُغِيث في منطقة مُطلة على البحر تُدعى الشِّحْرُ، بالقرب من حضرموت في اليمن، وكانت الخيام ذات الأعمدة العظيمة مساكناً لهم؛ ولذلك قال تعالى:(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ* إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ)، وقد أرسل الله تعالى هود عليه السلام إليهم بعد أن انحرفوا عن التوحيد، وعبدوا ثلاثة أصنام وهي: صَدٌّ، وَصُمُودٌ، وَهِرَا، قوم عاد، وعاد هو اسم الأب الأكبر لهذه القبيلة، والراجح عند عدد كبير من المؤرخين والمختصين أن هذا الاسم هو اسم عربي، سكن قوم عاد في اليمن وتحديداً في الأحقاف؛ وهو جبل الرمل، حيث متّعهم الله -سبحانه- بقوّةٍ في الأبدان، وبسط لهم في المال الشيء الكثير، حتى أصبحوا أصحاب قوّة ماديّة وبدنيّة، حيث كانوا أصحاب أكبر قوّة عسكريّة في زمانهم، وكانت لهم الخِلافة في الأرض من بعد قوم نوح عليه السلام، وحينما دعاهم هود -عليه السلام- أخبرهم بأنّ قوّتهم لن تغنيَ عنهم من الله شيئاً، فقال الله تعالى: (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ)، وذكر الله -تعالى- في كتابه صور قوّتهم وعمرانهم في عدّة آياتٍ؛ بدأ هود -عليه السّلام- دعوته لقومه بتوضيح القضية الأهم؛ وهي التوجّه إلى لله تعالى وحده بالعبادة وترك عبادة الأوثان، وخاطبهم -عليه السّلام- خطاب الناصح المشفق الأمين، كما قال تعالى: (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ)، ووضّح لهم أنّ دعوته خالصةٌ لله عزّ وجلّ، وأنّه لا يُريد منهم مالاً ولا أجراً مقابل دعوته، بل بشّرهم بأنّ الله تعالى سيفتح عليهم أبواب الخير كلّه ويزيدهم مالاً وقوةً إلى قوتهم؛ إنّ هم أطاعوه وقبلوا دعوته، كما قال تعالى: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ)، وذكّرهم بنعم الله تعالى عليهم، وحذّرهم من تغيّر الحال إن هم كفروا به، فلم يستجيبوا له، فانتقل إلى المفاصلة بين الحقّ والباطل، وتبرّأ من شركهم، وأعلن اعتماده على الله تعالى في الانتصار عليهم، وما كان من قوم عادٍ إلا أنّ كانوا في قمّة الغرور، والبطر، والتباهي بالقوة، وشدّة البطش، ولم يهتمّوا لنصح نبيهم، كما قال تعالى على لسانهم: (قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ)، وأصرّوا على ضلالهم وباطلهم، فلمّا رأى هودٌ -عليه السّلام- ذلك الكفر منهم، وعلم أنّهم لن يستجيبوا له، ولن يستطيع ثنيهم عمّا هم فيه من الضلال والشرك، وواجههم بما سيُصيبهم من الله تعالى، كما قال الله -عزّ وجلّ- على لسان هود: (قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ ۖ)، وكان جزاؤهم أن أرسل الله تعالى عليهم ريحاً شديدةً؛ فدمرتهم تدميراً ولم تُبقي منهم أحداً، كما قال تعالى: (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ)، وأمّا هود عليه السلام والمؤمنون معه، فنجّاهم الله تعالى من القوم الكافرين ومن الريح العاتية. لم يستجب قوم عاد لأمر نبيّهم هود عليه السلام، بل بادروه بالاتهامات والشتائم والاستهزاء، فقال الله تعالى: (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ)، فكان ذلك من سوء أدبهم مع الله -تعالى- ونبيّه الكريم، ورُوي أنّ قوم عاد كانوا أوّل من عبد الأصنام بعد قوم نوح عليه السلام، فقد مكثت الأرض عشرة قرون بين آدم ونوح -عليهما السلام- على توحيد الله تعالى، ثمّ جاء قوم نوح فعبدوا الأصنام فأهلكهم الله جميعاً، وأبقى المؤمنين الموحّدين، ثمّ جاء قوم عاد بعبادة الأصنام، وتبجّحوا بذلك، وسخروا من نبيّهم الذي دعاهم إلى التوحيد وترك الشرك بالله، حيث قابل هود -عليه السلام- التكذيب والاستهزاء بالإحسان واللين في الدعوة، والعمل على تذكير وإرشاد قومه إلى طريق الهداية؛ لأنّ الصبر والاحتساب من سمات الرسل عليهم السلام، قال الله تعالى: (أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً) إنّ عقوبة الله -تعالى- تكون للظالمين بما يناسب ظلمهم وإعراضهم عن دعوة نبيّهم، فقد كان قوم عاد قوماً جبّارين وأقوياء، وأصحاب بسطة في العمران والأبدان، وبعد أن كفروا بنعم الله -تعالى- عليهم عذّبهم الله بسبب ذلك، حيث قال الله تعالى: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً)، وكانت عاقبة أمرهم بأن سلّط الله عليهم الريح، قال الله تعالى: (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ*فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ)، فكان هلاك كلّ قوّتهم وعظمتهم بأبسط الأشياء وأضعفها، وهو الهواء الذي يتنفسونه ولا يكادون يكترثون به ويشعرون به، حيث سُلّط عليهم الريح الذي استمرّ ثمانية أيام، حتى اقتُلعت بيوتهم وحصونهم،

الفئة

عرض المزيد

تعليقات - 0