المدة الزمنية 14:53

سيرة خالد بن الوليد، سيف الله المسلول، يرويها الشيخ بدر المشاري - الجزء الثالث

73 مشاهدة
0
5
تم نشره في 2021/03/06

خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي فارس وقائد إسلامي، لقَّبه الرسول صلى الله عليه وسلم بسيف الله المسلول، حارب في بلاد فارس وبلاد الروم وفي الشام، وتُوُفِّيَ ودُفن بعدها في حمص. نشأة خالد بن الوليد وُلد خالد بن الوليد رضي الله عنه سنة 592م في مكة، وكان والده الوليد بن المغيرة سيِّدًا في بني مخزوم ومن سادات قريش، واسع الثراء ورفيع النسب والمكانة؛ حتى إنه كان يرفض أن تُوقد نارٌ غير ناره لإطعام الناس؛ خاصة في مواسم الحجِّ وسوق عكاظ، ولُقِّبَ بريحانة قريش؛ لأنه كان يكسو الكعبة عامًا وقريش أجمعها تكسوها عامًا، وأُمُّه هي لبابة بنت الحارث الهلالية. كان له ستة إخوة وأختان، نشأ معهم نشأة مترفة، وتعلَّم الفروسية منذ صغره مُبديًا فيها براعة مميزة؛ حيث كان أحدَ الاثنين اللذين يُقاتلان بسيفين في آن واحد هو والزبير بن العوام ويقود الفرس برجليه؛ ولذلك جعلته فروسيَّتُه أحد قادة فرسان قريش. خالد بن الوليد قبل الإسلام لم يُحارب خالد بن الوليد في غزوة بدر؛ لأنه كان في بلاد الشام وقت وقوع الغزوة الأولى بين المسلمين ومشركي قريش, وحارب المسلمين في غزوة أحد، وكان صاحب دور رئيسي في كسر انتصار المسلمين في غزوة أحد في نهاية الغزوة؛ وذلك بعد أن قتل مَنْ بقي من الرماة المسلمين على جبل الرماة، والتفَّ حول جيش المسلمين وطوَّقهم من الخلف، وقام بهجوم أدَّى إلى ارتباك صفوف جيش المسلمين في هذه الغزوة، وقَتَل من المسلمين عددًا كبيرًا إسلام خالد بن الوليد كان خالد بن الوليد كثيرَ التردُّد في الانتماء للإسلام، غير أنه مال إلى الإسلام وأسلم متأخِّرًا في صفر للسنة الثامنة من الهجرة، قبل فتح مكة بستة أشهر، وقبل غزوة مؤتة بنحو شهرين، وتعود قصة إسلام خالد بن الوليد إلى ما بعد معاهدة الحديبية؛ حيث أسلم أخوه الوليد بن الوليد، ودخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكة في عمرة القضاء فسأل الوليد عن أخيه خالد، فقال: «أَيْنَ خَالِدٌ؟» فقال الوليد: يأتي به الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا مِثْلُهُ جَهِلَ الْإِسْلَامَ، وَلَوْ كَانَ يَجَعَلَ نِكَايَتَهُ مَعَ المُسْلِمِينَ عَلَى المُشْرِكِينَ كَانَ خَيْرًا لَهُ، وَلَقَدَّمْنَاهُ عَلَى غَيْرِهِ». فخرج الوليد يبحث عن أخيه فلم يجده، فترك له رسالة قال فيها: «بسم الله الرحمن الرحيم، أمَّا بعدُ.. فإني لم أَرَ أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وَعَقْلُهُ عَقْلُكَ، ومِثْلُ الإسلام يجهله أحدٌ؟! وقد سألني عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «أَيْنَ خَالِدٌ؟» -وذَكَرَ قولَ النبي صلى الله عليه وسلم فيه- ثم قال له: فاستدركْ يا أخي ما فاتك فيه؛ فقد فاتتك مواطن صالحة». وقد كان خالد –رضي الله عنه- يُفَكِّر في الإسلام، فلمَّا قرأ رسالة أخيـه سُرَّ بها سرورًا كبيرًا، وأعجبه مقالة النبـي صلى الله عليه وسلم فيه، فتشجَّع وأسلـم (1). الحلم رأى خالد بن الوليد في منامه كأنه في بلادٍ ضيِّقة جدبة، فخرج إلى بلد أخضر واسع، فقال في نفسه: «إن هذه لرؤيا». فلمَّا قَدِمَ المدينة ذكرها لأبي بكر الصديق رضي الله عنه فقال له: «هو مخرجُكَ الذي هداك الله للإسلام، والضيقُ الذي كنتَ فيه من الشرك» (2). رحلة خالد بن الوليد إلى المدينة يقول خالد عن رحلته من مكة إلى المدينة: (وددت لو أجد مَنْ أُصاحب، فلقيتُ عثمان بن طلحة، فذكرتُ له الذي أُريد فأسرع الإجابة، وخرجنا جميعًا فأدلجنا سرًّا، فلما كنا بالسهل إذا عمرو بن العاص، فقال: «مرحبًا بالقوم». قلنا: «وبك». قال: «أين مسيركم يا مجانين؟». فأخبرْنَاه، وأخبرَنَا -أيضًا- أنه يُريد النبي صلى الله عليه وسلم ليُسلم، فاصطحبنا حتى قدمنا المدينة أول يوم من صفر سنة ثمان). فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: «رَمَتْكُمْ مَكَّةُ بِأَفْلَاذِ كَبِدِهَا (3)». يقول خالد: «ولما اطَّلعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سَلَّمتُ عليه بالنبوة، فردَّ عليَّ السلام بوجهٍ طلقٍ، فأسلمتُ وشهدتُ شهادة الحقِّ». وحينها قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «الحَمْدُ لِلهِ الَّذِي هَدَاكَ، قَدْ كُنْتُ أَرَى لَكَ عَقْلًا رَجَوْتُ أَنْ لَا يُسْلِمَكَ إِلَّا إِلَى خَيْرٍ». وبايعتُ الرسـول وقلتُ: «استغفر لي كل ما أوضعـتُ فيه من صدٍّ عن سبيل الله». فقال: «الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ». فقلتُ: «يا رسول الله على ذلك». فقال: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ كُلَّ مَا أَوْضَعَ فِيهِ مِنْ صَدٍّ عَنْ سَبِيلِكَ». وتقدَّم عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة، فأسلما وبايعا رسول الله (4). وقال الرسول صلى الله عليه وسلم عن خالد: «نِعْمَ عَبْدُ اللهِ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ، سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ» (5). خالد بن الوليد بعد إسلامه شارك خالد بن الوليد في أولى غزواته في غزوة مؤتة ضد الغساسنة والروم، وقد استشهد فيها قادتها الثلاثة: زيد بن حارثة، ثم جعفر بن أبي طالب، ثم عبد الله بن رواحة، فسارع إلى الراية ثابت بن أرقم فحملها عاليًا، وتوجَّه مسرعًا إلى خالد قائلاً له: «خُذِ اللواء يا أبا سليمان». فلَمْ يجد خالدٌ أنَّ من حقِّه أخذها؛ فاعتذر قائلاً: «لا، لا آخذ اللواء أنت أحقُّ به، لك سنٌّ وقد شهدتَ بدرًا». فأجابه ثابتٌ: «خذه فأنت أدرى بالقتال مني، ووالله! ما أخذتُه إلَّا لك». ثم نادى في المسلمين: «أترضون إمرة خالد؟» قالوا: «نعم». فأخذ الراية خالدٌ وأنقذ الله به جيش المسلمين، يقول خالد: «قد انقطع في يدي يومَ مؤتة تسعة أسياف، فما بقي في يدي إلَّا صفيحة يمانية (وهي نوع من السيوف تكون عريضة النصل)». وقال النبي صلى الله عليه وسلم عندما أخبر الصحابة بتلك الغزوة: «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ -وعيناه صلى الله عليه وسلم تذرفان-، حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ» (6). فسُمِّيَ خالد من ذلك اليوم سيف الله.

الفئة

عرض المزيد

تعليقات - 1