المدة الزمنية 2:5

احذر ان تكون منهم ثلاثة لا يكلمهم الله احذر احذرو حذاري ثلاث

بواسطة الهداية
46 مشاهدة
0
4
تم نشره في 2023/08/20

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: ففي باب "تحريم الكبر والإعجاب" أورد المصنف -رحمه الله-: حديث أبي هريرة  قال: قال رسول الله ﷺ: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر[1]، رواه مسلم. قوله ﷺ: ثلاثة لا يكلمهم اللهالحديث. المقصود ثلاثة أصناف، وليس ثلاثة أشخاص، فهؤلاء قد يكون منهم أعداد كبيرة من الناس، وقد يوجد من بعد آدم ﷺ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها قد يوجد الألوف أو الملايين من هؤلاء، فهم ثلاثة أصناف. ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة والمقصود به -والله تعالى أعلم- أنه لا يكلمهم تكليم الرضا، والله -تبارك وتعالى- كما هو معلوم يتصف بالكلام، فهو يتكلم متى شاء كيف شاء، وقد كلم الله -تبارك وتعالى- موسى تكليما، وكلم محمدًا ﷺ في ليلة المعراج، أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي[2]، وكذلك أيضاً يُكلِّم يوم القيامة فيقول لعيسى ﷺ: اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ [المائدة:110]، ويقول: أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ [المائدة:116]، إلى غير ذلك. فالله يكلم تكليم رضا، ويكلم تكليم استعتاب من أجل أن يعتذر العبد فيُقبل عذره، ويكلم بتكليم تبكيت وإهانة، كما يقول الله -تبارك وتعالى- لأهل النار: اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108]، وهذا هو وجه الجمع بين إثبات التكليم وبين ما جاء من نفي تكليمهم كما جاء في هذا الحديث في هؤلاء الأصناف الثلاثة، أو غير ذلك مما جاء في القرآن من نفي التكليم.   قوله: ولا يزكيهم بمعنى لا يطهرهم، والتطهير يحصل من الله -تبارك وتعالى- بتزكية النفوس في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح والتقوى، والله يقول: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ۝ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]، وتكون التزكية أيضاً في الآخرة بأن يزكي الله العبد من الأرجاس والأدناس فينقّى من كل خبثٍ حتى يدخل الجنة، فإن الجنة لا يدخلها خبيث؛ ولهذا تنقى نفوسهم من الغل كما قال الله : وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ [الأعراف:43]. وقوله: ولا ينظر إليهم، المقصود به لا ينظر إليهم بنظر الرضا، فالله -تبارك وتعالى- ناظر إلى خلقه أجمعين، ولا يفوته منهم شيء، فالله يراهم جميعاً، ولكن هذا النظر العام للخلق غير النظر الخاص، فالمنفي هنا هو النظر الخاص. وقوله: ولهم عذاب أليم إضافة إلى ما سبق -وما سبق يدل عليه أيضاً- إذا كان الله لا يكلم العبد، ولا ينظر إليه، فلا ينتظر إلا العذاب الأليم، ذكر هؤلاء الأصناف الثلاثة: شيخ زان، وملك كذاب، عائل مستكبر، والشيخ الزاني هو من تقدمت به السن، بعضهم يقول: إن الشيخ من بلغ الخمسين، فالإنسان يمر بمراحل عمرية يذكرها العلماء ويسمونها بأسمائها وإن كانوا يختلفون على التفاصيل، متى يكون الإنسان كهلاً؟ بعضهم يقول: يكون كهلاً إذا بلغ الثلاثين؛ لأن الله -تبارك وتعالى- قال في عيسى ﷺ: وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا [آل عمران:46]، وعيسى ﷺ رفع وقد بلغ الثالثة والثلاثين أو نحو ذلك، فالمقصود أن أهل العلم يذكرون هذه المراحل في عمر الإنسان وما يطلق على كل مرحلة، وإن كانوا لا يتفقون على بعض التفصيلات، لكن منهم من يقول: إن الشيخ هو من بلغ الخمسين، والمقصود هو الإنسان الذي تقدمت به السن فضعفت قوته الغريزية، ضعفت غرائزه، ولذلك جاء في الحديث الآخر: أُشيْمط زان[3]، والأشيمط هو الإنسان الذي قد شاب، وعلاه الشيب فيقال له: أشيمط، والتصغير هنا للتحقير، فهذا الإنسان الذي بهذه المثابة -نسأل الله العافية- ويزني هذا يدل على أن السوء متغلغل في باطنه وأعماقه، أنه يقارف ما يقارف من الشر والفساد والمنكر والفجور مع ضعف الداعي وقوة الرادع والوازع.

الفئة

عرض المزيد

تعليقات - 0